{قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ} معناه: إنها لا تسمع قولا ولا تجلب نفعًا، ولا تدفع ضرًا، لكن اقتدينا بآبائنا. فيه إبطال التقليد في الدين. {قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الأقْدَمُونَ} الأولون. {فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي} أي: أعداء لي، ووحَّده على معنى أن كلَّ معبودٍ لكم عدو لي. فإن قيل: كيف وصف الأصنام بالعداوة وهي جمادات؟ قيل: معناه فإنهم عدو لي لو عبدتهم يوم القيامة كما قال تعالى: {سيكفرون بعبادتهم ويكونون عليهم ضدًا} [مريم- 82]. وقال الفرَّاء: هو من المقلوب، أراد: فإني عدوٌّ لهم، لأن من عاديته فقد عاداك. وقيل: {فإنهم عدو لي} على معنى إني لا أتولاهم ولا أطلب من جهتهم نفعًا، كما لا يُتَوَلَّى العدو، ولا يُطْلب من جهته النفع.قوله: {إِلا رَبَّ الْعَالَمِينَ} اختلفوا في هذا الاستثناء، قيل: هو استثناء منقطع، كأنه قال: فإنهم عدو لي لكن رب العالمين وليي. وقيل: إنهم كانوا يعبدون الأصنام مع الله، فقال إبراهيم: كل من تعبدون أعدائي إلا ربَّ العالمين. وقيل: إنهم غير معبود لي إلا رب العالمين، فإني أعبده. وقال الحسين بن الفضل: معناه إلا من عَبَدَ ربَّ العالمين. ثم وصف معبوده فقال: {الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ} أي: يرشدني إلى طريق النجاة. {وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ} أي: يرزقني ويغذني بالطعام والشراب، فهو رازقي ومن عنده رزقي.